تعتبر الأعمال الدرامية الرمضانية فرصة لظهور مبدعين وممثلين لم يشاهدهم المتفرج سابقا، والمشاركة في العمل الدرامي بمثابة التحدي يخوضه الممثل لينجح ويكسب قاعدة جماهيرية جديدة لقدرة التلفزة على اختراق كل الجدران والبيوت خاصة في الموسم الرمضاني.
والدراما التونسية تقدم كل عام اسماء جديدة ووجوه شبابية لها القدرة على صناعة مسيرة ناجحة، بعضهم يؤمن بالتمثيل والممثل فيكون اداءه معيار للتلقائية ثم النجاح لدى الجمهور من متابعي هذه الأعمال.
اروى الرحالي:الشغف سبب النجاح
تتقن اللعب أمام الكاميرا لها حضور مقنع وأداء جد مميز، شخصية محورية في مسلسل "رقوج" إخراج عبد الحميد بوشناق، حضورها يصنع البهجة في المكان، الوانها الغجرية وحركاتها المتماهية مع وجع الشخصية وأفكارها جعلت الممثلة اروى الرحالي تقنع جمهور العمل بصدقها وتلقائيتها.
اروى الرحالي خريجة التياترو بين قاعاته تعلمت فن المسرح وأحبت التمثيل، وقبل التياترو تعلمت حب المسرح والتناص بين الممثل وشخصيته وخبرت هذا الفن وعظمته من خلال الممثل والمبدع البحري الرحالي فهو والظها و بوابتها الاولى لهذا الشغف، من تماهي البحري مع ادواره وصدقه امام الكاميرا وحرفيته المطلقة على الركح تعلمت اروى أن التمثيل حقيقة ونجاح الممثل ينطلق من مدى احترامه لهذا الفن وايمانه بصدقه وقدرته على النجاح.
ممثلة أحبتها الكاميرا وتتبادلان هذا الحب فاروى على الركح ليست نفسها في الدراما، ممثلة حالمة تصنع طريق نجاحها في عالم التمثيل بهدوء المبدعينن في رقوج" تطل اروى الى الجمهور بشخصية مركبة "عيدة" الحرفية صانعة الفخار وغير القادرة على الكلام، وفي المسلسل تعوض الشخصية المنطوق بحركات الجسد.
تستنطق الجسد، تترك له هامش من الحرية ليعبر عما يسكن الروح ويخالج القلب، لغة صماء صعبة تتماهى فيها الممثلة وشخصيتها وانطلاقا من قولة سارتر الانا آخر والآخر أنا تندمج الرحالي مع شخصيتها حد التماهي بين اروى الانسانة وعيدة الشخصية تتعرف على وجعها وتلتقط نقاط قوتها ومنها تصنع مشهدية وجمالية في الحضور امام الكاميرا.
عيدة" تمنح الطين حياة، تعجنه جيدا ليصبح متماسكا ثم تشكله كما تريد تصنع اواني وتحف جد مميزة فهي الأنجح بين الحرفيات ولم يعقها غياب اللغة المنطوقة على التواصل مع الناس وكسب حبهم واحترامهم كذلك اروى الرحالي تفكك الشخصية وتعيد تركيبها وتقمصها لتنجح كليهما.
حضور شخصية "عيدة" في "رقوج" له العديد من الدلالات الاجتماعية والاقتصادية والانسانية، فعيدة الحرفية انموذج عن الكثيرات من النساء في المجتمع التونسي بعضهن تعرض للرفض بسبب عدم القدرة على الكلام، وأخريات افتككن النجاح وحقّقن ذواتهن الفنية والانسانية، ومن خلال نجاح عيدة (اكثركن بيعا وأفضلكن في الصنعة) يؤكد كتاب السيناريو أن الاختلاف لا يعني الفشل وفاقد الكلام يمكنه النجاح والتحليق في سماءه بلغة جسده اللغة الام للانسان.
ومن خلال الشخصية أيضا يشير العمل الى دور الحرفيات في المنظومة الاقتصادية ويحاول تسليط الضوء على معاناتهن بسبب غلاء المواد الاولية وتراجع اليد العاملة في هذا المجال فليتجئن لاعمال يدوية أخرى للعيش، وشخصية "عيدة" بمثابة الكتاب المفتوح يمكن تصفحه لقراءة واقع الحرفيات وحكاياتهن بين النجاح والفشل والاختلاف.
و اروى الرحالي استطاعت الوصول الى أعماق "عيدة" ونجحت في التناص معها لتثبت انها ممثلة متمكنة من ادواتها التمثيلية ومشاركتها في "رقوج" هي ثاني اطلالة درامية بعد "كان ما كانش،" للمخرج عبد الحميد بوشناق.
الفيديو :